الأحد 15 سبتمبر 2024 11:47 مساءً
- Author, كاثرين بيرنز
- Role, مراسلة الشؤون الصحية
-
قبل 30 دقيقة
وصل عدد الأشخاص الذين يتناولون أدوية علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (إيه دي إتش دي) إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، وتواجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية في انجلترا (إن إتش إس) الكثير من الضغط في محاولتها تشخيص الحالة وعلاجها.
فمنذ عام 2015، تضاعف عدد المرضى في إنجلترا الذين يتناولون أدوية موصوفة لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه 3 مرات تقريبا، وتشير أبحاث بي بي سي إلى أن الأمر سيستغرق 8 سنوات لتقييم جميع البالغين الموجودين على قوائم الانتظار.
وفي العام الماضي، كان اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هو ثاني أكثر الأمراض من حيث عدد قراء الصفحات الخاصة به على موقع هيئة الخدمات الصحية الوطنية. وقد دفع القلق بشأن هذا الطلب المتزايد الهيئة إلى إنشاء فريق عمل معني بهذا الأمر
إذن، ما الذي يحدث وأين سينتهي الأمر؟ هل أصبح اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أكثر انتشارًا؟ هل أصبحنا أفضل في التعرف عليه؟ أم أننا نبالغ في تشخيصه؟
لقد اتضح أنه ليس أنت وأنا فقط من تفاجأوا، بل الخبراء أيضًا.
يقول الدكتور أولريش مولر سيدغويك، المتخصص في اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في الكلية الملكية للأطباء النفسيين في المملكة المتحدة: "لم يتوقع أحد أن يرتفع الطلب على العلاج بشكل كبير على مدار السنوات الخمس عشرة الماضية، وخاصة السنوات الثلاث الأخيرة". لقد كان يدير عيادات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه للبالغين منذ عام 2007. ويقول إنه في ذلك الوقت كان هناك عدد قليل منها.
إن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه حالة جديدة إلى حد ما فقد مر 16 عاما فقط منذ اعترف المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية رسميا بهذا الاضطراب لدى البالغين. وعند النظر في ما إذا كان من الممكن أن يستمر في التزايد، يزعم الدكتور مولر سيدغويك أن هناك مفهومين مختلفين ينبغي مراعاتهما: الانتشار والحدوث أو معدل الإصابة.
فالانتشار هو النسبة المئوية للأشخاص الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ويتوقع الدكتور مولر سيدغويك أن يظل ثابتًا إلى حد كبير عند 3 إلى 4 في المئة من البالغين في المملكة المتحدة.
أما معدل الإصابة فهو عدد الحالات الجديدة التي يتم تشخيصها في فترة زمنية محددة ، فهنا نشهد الزيادة. ويوضح: "ما تغير هو عدد المرضى الذين نقوم بتشخيصهم، الأمر أشبه بأن كلما زاد عدد المرضى الذين نقوم بتشخيصهم، كلما انتشر الحديث عن الأمر".
وتؤيد البروفيسور إميلي سيمونوف، وهي طبيبة نفسية للأطفال والمراهقين في شراكة كينغز مودسلي للأطفال والشباب، هذا الرأي. وهي تعتقد أن ما بين 5 و7 في المئة من الأطفال يعانون من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المملكة المتحدة، وتقول: "الأمر متشابه إلى حد كبير في مختلف أنحاء العالم، وهو ثابت ولم يرتفع في الواقع".
وتتفق البروفيسور سيمونوف على أنه كان هناك "ارتفاع حاد" في عدد الأشخاص الذين يتقدمون للتقييم منذ تفشي كورونا، لكنها تقول إن هذا يأتي بعد سنوات من "التجاهل طويل الأمد"
وتشير إلى إحصائيات حول أدوية علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. وتتوقع أن يحتاج نحو 3 إلى 4 في المئة من الأطفال في المملكة المتحدة إلى تلك الأدوية، ولكن في الواقع، يستخدمها نسبة تتراوح بين 1 إلى 2 في المئة فقط. وتعتقد أن هذا يُظهِر أننا ما زلنا نستخف بحجم المشكلة.
وتوضح البروفيسور سيمونوف: "أعتقد أن هذه نقطة انطلاق مهمة عندما نقول، يا إلهي، لماذا نرى كل هؤلاء الأطفال الآن، هل نبالغ في تحديد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟ نحن لم نشخص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بشكل كافٍ في المملكة المتحدة لسنوات عديدة".
بعبارة أخرى، يمكننا أن نتوقع الآن تشخيص عدد أكبر من الأشخاص باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لأن الخدمات الصحية تحاول اللحاق بالركب.
زيادة كبيرة
تصف تيا شتاين، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة نيوفيلد تراست البحثية في مجال الصحة، الزيادة الأخيرة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية بأنها "الحدبة". وتقول: "لقد ارتفعت معدلات التشخيص أو الرغبة في الحصول على التشخيص بسبب المعرفة والوضوح، الأمر بهذه البساطة".
وبحسب شتاين، فإن المهمة الأكثر إلحاحاً هي تجاوزالزيادة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية، وتقييم التراكم الهائل من الأشخاص في قوائم انتظار اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. ثم، على المدى الأبعد، تعتقد شتاين أن المجتمع سوف يتحسن في اكتشاف هذا المرض في وقت مبكر لدى الأطفال. وهي تأمل أن يعني هذا حصولهم على دعم أفضل منذ سن مبكرة، وتخفيف بعض الضغوط عن خدمات البالغين.
وتقول: "إنني متفائلة حقًا بأننا سنتجاوز هذه الفترة من الزمن ونصل إلى مكانة أفضل بكثير كمجتمع، ولكن ما لا أشعر بالتفاؤل بشأنه هو أن هذا حل سريع".
وقد يكون اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مفهومًا جديدًا، ولكن صعوبة التركيز لدى الأشخاص هي مشكلة قديمة.
ففي عام 1798، كتب الطبيب الاسكتلندي السير ألكسندر كريشتون عن "مرض الانتباه" الذي يتميز "بدرجة غير طبيعية من الاضطراب العقلي".
وأوضح: "عندما يتأثر الناس بهذه الطريقة، يقولون إنهم مصابون بالقلق".
لكن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يقتصر على مشاكل التركيز أو النشاط المفرط. فقد يجد المصابون به صعوبة في التحكم في عواطفهم ودوافعهم، وقد ارتبط بإدمان المخدرات والصعوبات المالية فضلاً عن ارتفاع معدلات الجريمة وحتى حوادث السيارات.
ويتفق جميع الخبراء الذين تحدثت معهم على نقطة واحدة: من الأفضل بكثير لشخص يعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أن يتم تشخيصه وعلاجه في أقرب وقت ممكن.
ويقول الدكتور مولر سيدغويك إن هناك "خطرا من حدوث نتائج سيئة للغاية". لكنه يبتسم عندما يصف كيف يمكن للتشخيص والعلاج أن يحولا حياة الناس.
ويقول: "لقد رأيت العديد من المرضى يتحسنون، ويعودون إلى العمل أو التعليم، لقد رأيت آباءً كانوا يخضعون لإجراءات محكمة الأسرة وتمكنوا من أن يصبحوا آباءً أفضل، لهذا السبب نعمل في هذا المجال، فهو جزء مفيد حقًا من الصحة العقلية ".
انفراجة في العلاج
في الوقت الحالي، يدور علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه حول الأدوية، ولكن هناك خيارات أخرى تلوح في الأفق.
ففي الولايات المتحدة، تُطرح للبيع رقعة يضعها الأطفال المصابون بهذا المرض على جباههم أثناء النوم وهي متصلة بجهاز يرسل نبضات تحفيزية إلى الدماغ. ولا يُنصَح باستخدام هذه الرقعة في المملكة المتحدة، ولكن الأكاديميين في كل من بريطانيا والولايات المتحدة يعملون على إجراء تجارب سريرية لفحصها.
وتقول البروفيسور كاتيا روبيا هي أستاذة علم الأعصاب الإدراكي في كينجز كوليدج في لندن : "عملي على مدى السنوات الثلاثين الماضية أو نحو ذلك يتلخص في تصوير اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وفهم ما هو مختلف في أدمغة الأشخاص المصابين به".
وتوضح أن أجزاء معينة من أدمغة المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، بما في ذلك الفص الجبهي، أصغر حجمًا وأقل نشاطًا أيضًا. وتحاول البروفيسور روبيا تنشيط تلك المناطق من الدماغ، وتعمل على دراسة تبحث في العصب الثلاثي التوائم الذي يذهب مباشرة إلى جذع الدماغ ويمكنه زيادة النشاط في الفص الجبهي.
وتقول: "كل هذا جديد تمامًا، إذا وجدنا تأثيرًا، فسنحصل على علاج جديد". ورغم أنه لم يتم إثبات ذلك بعد، إلا أنها تضيف: "إذا سارت الأمور على ما يرام، فقد يكون العلاج متاحًا في السوق في غضون عامين".
لذلك فإن الأمل هو أنه في المستقبل غير البعيد، سوف تكون هناك طرق أكثر لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه دون أدوية. ولكن في الوقت نفسه، فإن التحدي يكمن في تجاوز زيادة عدد الأشخاص الذين ينتظرون التقييم، مع الإيمان بأن الزيادة في التشخيص بهذا المرض سوف تتضاءل بمرور الوقت.