أخبار عاجلة

أخبار العالم : الهجمات على لبنان.. حرب من نوع آخر

أخبار العالم : الهجمات على لبنان.. حرب من نوع آخر
أخبار العالم : الهجمات على لبنان.. حرب من نوع آخر

الخميس 19 سبتمبر 2024 08:48 صباحاً

نيوز أون لاين - تابعنا خلال اليومين الماضيين هجمات سيبرانية على الشقيقة لبنان انتهت باستشهاد تسعة لبنانيين، فضلا على نحو 300 جريح أصيبوا بإصابات متنوعة. مصدر القلق هو حداثة الفكرة واستخدام سلاح الكتروني جديد يختلف عما اعتدنا رؤيته من أسلحة تقليدية ثقيلة وخفيفة، كما تختلف أيضا عن موضة العصر في الهجمات العسكرية وهي الطائرات المسيرة. والحرب السيبرانية هي ما يمكن تعريفها بأنها : وسائل واساليب القتال المستخدمة في عمليات الفضاء الإلكتروني بحيث ترقى إلى مستوى النزاع المسلح أو تجري في سياقه. هي إذن باختصار: عملية الكترونية سواء هجومية أو دفاعية يتوقع أن تتسبب في إصابة أو قتل أشخاص أو الإضرار بأعيان أو تدميرها،  وقد تكون سببًا لبدء الحرب التقليدية.

  هذا التطور الخطير هو بعض مما حذرت منه الدبلوماسية المصرية منذ اندلاع الحرب في غزة قبل نحو عام، إذ تكرر نداء مصر للجميع بضرورة وقف التصعيد لما سيستتبعه من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، الأمر الذي يرشحها لتصبح حربا إقليمية تخوضها عدة قوى ودول في إقليم الشرق الأوسط، وهو ما سيستدعي بالطبع تدخلات لقوى دولية دعما لطرف أو آخر من أطراف ذلك الصراع.

     و على هذا سعت الدبلوماسية المصرية - برئاسة وزير الخارجية الأسبق السيد سامح شكري والحالي السفير بدر عبد العاطي - منذ اندلاع الأزمة وحتى اليوم لتقريب وجهات النظر بين الطرفين الرئيسيين والسعي لتوقيع هدنة يتبعها إيقاف شامل ودائم لإطلاق النار بهدف حماية المدنيين في الطرفين لاسيما المواطنين الغزاويين العزل الذين شُردوا ودمرت الحرب منازلهم وقطعت عليهم أبواب الرزق ومنافذ المعونات ومعابر الاتصال بالمجتمع الخارجي. ورغم جولات المفاوضات المرهقة التي توسطت فيها مصر بين الطرفين ومعها الشقيقة قطر وبرعاية أمريكية، إلا أن الصلف الإسرائيلي وإصرار قيادته على المضي في الحرب الانتقامية حتى النهاية حال دون تحقيق هدف المفاوضين حتى الساعة.

  ثم تبدأ مناوشات في جبهات أخرى، أظن أنه سيكون لها ما بعدها في القريب. فمقتل إسماعيل هنية في طهران، ثم الضربات السيبرانية التي شهدتها لبنان مؤخرا سيكون لها بالطبع رد من جانب المقاومة اللبنانية مدعومة بقوى إقليمية داعمة لها، كل تلك مؤشرات تشي بمزيد من التصعيد في هذه المنطقة المنكوبة من العالم.

 كنت قد تلقيت قبل سنوات دورة في أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، وكان من بين ما شد انتباهي خلالها محاضرة ألقاها ل. ط.د. هشام الحلبي عن الحروب السيبرانية. توقع الخبير العسكري الكبير حينها أن تكــون الحــرب الســيبرانية الســمة الغالبــة -إن لــم تكــن الرئيســة- للحــروب المســتقبلية. وتكمــن خطـورة هـذا الشـكل مـن الحـروب فـي أنه يسـتخدم الإنترنت والشـبكات التي أصبح العالـم يعتمـد عليهـا بصـورة متناميـة.

 كان مصطلح الحرب السيبرانية حينها حديث نسبيا، وما كنت أتصور أن يأتي اليوم الذي نشهد فيه بعضا من وقائع هذه النوعية من الحروب بهذه السرعة وبهذا التأثير الرهيب. الخطير في الأمر أن هذا النوع من الحروب المسماة بحروب الجيل الرابع لم يعد قاصرا على الاختراقات والقرصنة ونشر الفيروسات ، ولكنه أخذ شكلا جديدا أكثر خطورة وله تأثير مباشر على الأرواح، كما أن له قوة تدمير أخطر من تلك التي كانت تخلّفها الحروب التقليدية فيما سبق.

   غير أن الجديد في تلك الضربة التي أصابت الأشقاء في لبنان أنها أخذت منحى جديدا ولم يقتصر على ما كنا نعلمه عن ذلك النوع الحديث من الحروب من حيث كونها ذات سرعة فائقة، أو أنها عالمية الطابع والتأثير. إذ أخذت مما كنا نعرفه بعض الصفات مثل أنها غير محددة المجالات، وساحاتها غير مرئية، ووسائلها خفية. و لكنها علاوة على ما سبق أكدت واحدة من أهم سمات الحروب السيبرانية، وهي أنها حروب تتسم بدرجة كبيرة من التطور السريع والتنافسية الشديدة بين القوى المصنّعة لهذا النوع من الأسلحة.

  و بهذا التطور الذي شهدناه على الأراضي اللبنانية خلال اليومين الماضيين يظهر وجه سيء آخر لتلك الحرب المشتعلة في المنطقة، وكأن الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية للنزاعات القائمة - في العالم كله عامة، وفي إقليمنا المبتلى بالحروب والصراعات خاصة – كان ينقصها هذا التصعيد في نوعية السلاح المستخدم وقوة تأثيره مع الوضع في الاعتبار كونه أقل كٌلفة على المستخدم من السلاح التقليدي. الأمر الذ أصبح يستدعي تحركا دوليا فاعلا وسريعا للاستجابة للدعوات العاقلة لإنشاء وكالة دولية للاستخدامات السلمية للقوة السيبرانية .

  المرعب في الأمر أن تطور الأحداث يأخذنا بسرعة شديدة نحو ما ذكره ل. الحلبي في مقال له وعرّفه بما يسمى الحرب الهجينة، وهي الحرب التي تمــزج بيــن الحــروب التقليديــة، والحــروب غيــر التقليديــة، والحــروب الســيبرانية، والتخريــب والأنشــطة الإرهابيــة والإجراميــة. وتُســتخدم فيهــا أيضــا العمليــات النفســية، والتجســس، وحشــد الأقليــات المذهبيــة والعرقيــة، ويتلاشــى

فيهـا التمييـز بيـن الحـرب والسـلام ، وتُسـتخدم فيهـا القـوات المسـلحة النظامية والجماعــات المســلحة غيــر النظاميــة .

  خلاصة الأمر، أن الحاجة لصوت العقل أصبحت أكثر إلحاحا لكبح جماح التصعيد في الحرب على غزة والتي بدأت تأخذ منحى جديدا يدعو إلى القلق، والخوف من انزلاق أطراف أخرى تطيل أمد الحرب وتوسع دائرتها وتزيد من تبعاتها، وبالتالي يتضاعف ضحاياها من كل الأطراف والأخطر أنه سيصّعب من مهمة وكلفة إيقافها في القريب العاجل.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أخبار العالم : إطلاق دليل إقامة دبي لإدارة الهياكل التنظيمية
التالى أخبار العالم : أغاثا كريستي "ملكة الجريمة" الأعلى مبيعاً في التاريخ