الأحد 10 نوفمبر 2024 10:00 مساءً
بعد يوم من الفوز الكبير الذي أحرزه زوجها في ليلة الانتخابات، اتجهت ميلانيا ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة الأمة.
وقالت السيدة ترامب: "لقد عهدت إلينا غالبية الأمريكيين بهذه المسؤولية المهمة".
وتعهّدت قائلة: "سوف نحمي قلب الجمهورية المتمثلة بالحرية"، وحثّت الأمريكيين على تجاوز الأيديولوجيا من أجل مصلحة البلاد.
كانت رسالة موجزة، لكنها أشارت إلى تحول في كيفية تعامل السيدة الأولى السابقة مع هذا الدور في المرة الثانية.
فعندما فاز ترامب برئاسته الأولى في عام 2016، كانت زوجته غائبة في البداية عن البيت الأبيض، مفضلة البقاء في نيويورك مع ابنهما الصغير. وقد بدت متحفظة، في بعض الأحيان، تجاه التقاليد التي اتبعتها السيدات الأُوَل السابقات.
يرى خبراء أن السيدة ترامب ستتعامل هذه المرة بوعي أكبر مع دور السيدة الأولى، وهو دور غير محدد في القانون إلى حدٍ كبير.
وُلدت ميلانيا وهي تحمل اسم ميلانيا كنافس، وهي عارضة أزياء سلوفينية أمريكية سابقة تبلغ من العمر 54 عاماً، وقد انتقلت من حياة فاخرة بين جدران برج ترامب الذهبي في مانهاتن إلى حياة سياسية جاءت مع المكتب البيضاوي، خلال فترة رئاسة شابتها في الغالب العديد من الخلافات.
وُصفت من قِبل البعض بأنها "لغز"، إذ فضّلت السيدة ترامب الابتعاد عن الأضواء مقارنةً بأسلافها، وقللت من ظهورها في البيت الأبيض وعلى مسار الحملة الانتخابية.
وقالت تامي فيجيل، أستاذة الاتصالات المساعدة بجامعة بوسطن ومؤلفة كتاب عن ميشيل أوباما وميلانيا ترامب: "لقد كانت فريدة بين السيدات الأُول المعاصرات. تقوم بالأمور بطريقتها الخاصة بدلاً من الطريقة التي يُفترض بها أن تؤديها. لكنها تلبي التوقعات الأساسية".
في السنوات الأخيرة، تجنبت الأضواء بينما كان زوجها يواجه عدة قضايا قانونية أثناء حملته للفوز بولاية ثانية. وقد أثار غيابها عدة مقالات إخبارية هذا الصيف تساءلت: "أين ميلانيا؟"
ظهرت السيدة ترامب في مناسبات رئيسية، مثل إعلان زوجها في أواخر عام 2022 عن ترشحه مجدداً. كما حضرت المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في يوليو/تموز مرتدية بدلة حمراء زاهية، من كريستيان ديور، لكنها لم تلقِ خطاباً – وهو خروج آخر عن التقاليد.
عندما تتحدث، تبدو كلماتها مختارة بعناية، معطيةً إشارات حول وجهة نظرها.
ففي تجمع زوجها في ميدان ماديسون قبل أسابيع من يوم الانتخابات، أدلت بتصريحات قصيرة لكنها حادة تتماشى مع خطاب حملة ترامب حول "القانون والنظام"، وصورت مدينة نيويورك على أنها "مدينة كبرى" تتدهور بسبب الجريمة المستشرية. كما تحدثت بعد محاولة اغتيال زوجها الأولى، داعيةً للوحدة ووصفت مرتكب الجريمة بأنه "وحش".
وفي مقابلة نادرة على قناة فوكس، اتهمت خصومه السياسيين ووسائل الإعلام "بتأجيج أجواء سامة" أدت إلى الهجوم.
وصرّحت السيدة ترامب بموقفها المؤيد لحق الاختيار في مذكراتها الأخيرة، مما وضعها في تعارض مع النشطاء المناهضين للإجهاض داخل الحزب الجمهوري – حيث أثارت تلك التصريحات التكهنات حول توقيتها، خاصةً في ظل معاناة زوجها لتحديد موقفه من القضية بعد إلغاء حكم "رو ضد ويد".
تطرقت السيدة ترامب في كتابها إلى مسيرتها في عرض الأزياء، وإعجابها بزوجها، والخلافات السياسية التي جمعت بينهما في الماضي، لكنها اختارت عدم الكشف عن تفاصيل تلك النزاعات. ومع ذلك، فقد دعمت ترامب علناً في مواقف مثيرة للجدل، مثل ادعائه بأن انتخابات الرئاسة لعام 2020 سُرقت. وكتبت في كتابها: "لست الوحيدة التي تشكك في النتائج".
وعن أعمال الشغب التي جرت في مبنى الكابيتول يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، أوضحت أنها "لم تكن على علم" بما كان يجري لأنها كانت مشغولة بواجباتها.
كتبت ستيفاني غريشام، السكرتيرة الصحفية السابقة للسيدة ترامب، في مذكراتها الخاصة أن السيدة ترامب رفضت إصدار بيان يدين العنف، ما دفع غريشام إلى الاستقالة.
تساءل بعض المعلقين عما إذا كانت السيدة ترامب استمتعت بدورها كسيدة أولى من الأساس.
ومع ذلك، تقول كيت بينيت، الصحفية السابقة في قناة "سي إن إن" وكاتبة سيرة ميلانيا، إنها فعلت، رغم ترددها في البداية.
وصرّحت بينيت لمجلة "بيبول" في عام 2021 قائلةً: "أعتقد أنها بالفعل استمتعت بذلك".
وفي مذكراتها، كتبت السيدة ترامب أنها تشعر بـ"إحساس قوي بالواجب لاستخدام المنصة كسيدة أولى لتحقيق الخير".
وفي مقابلة أجريت معها عام 1999، قالت إنه في حال ترشح صديقها ترامب (آنذاك) للرئاسة، ستتخذ من السيدة الأولى السابقة جاكلين كينيدي وبيتي فورد نموذجين يحتذى بهما، واصفة إياهما بأنهما "تقليديتان للغاية".
كانت كينيدي رمزاً للأناقة وكرّست نفسها للحفاظ على البيت الأبيض، بينما عُرفت فورد بدفاعها عن حقوق الإجهاض وحقوق المرأة.
وعند انتقالها إلى واشنطن، بدأت السيدة ترامب في تولي مهام السيدة الأولى، مثل استضافة مأدبات الغداء والعشاء الرسمي للزعماء الزائرين.
كما أولت اهتماماً بجماليات البيت الأبيض، وأشرفت على تجديدات واسعة وترتيبات احتفالات عيد الميلاد، (ظهرت في مقطع سُجل سراً وهي تتذمر من المهمة الأخيرة).
وقد لفتت ملابسها انتباه الإعلام وأثارت الجدل، لا سيما عندما شوهدت وهي ترتدي سترة كُتب عليها "لا أهتم بشيء، هل تهتم أنت؟" أثناء زيارتها لمركز احتجاز للأطفال المهاجرين في عام 2018. وقالت لاحقاً إن الرسالة كانت موجهة "لأولئك الذين ينتقدونها في الإعلام اليساري".
كما تعرضت السيدة ترامب لانتقادات بعدما تم تسجيلها سراً وهي تعبر عن إحباطها من الانتقادات الموجهة إليها بسبب سياسة فصل الأطفال المهاجرين عن أسرهم، والتي كانت ضمن سياسات ترامب.
وقالت إنها لم تكن على علم بالسياسة في البداية، وأخبرت ترامب أنها لا تؤيدها. وأوقف الرئيس السياسة في يونيو/حزيران 2018 بعد موجة من الجدل.
وترى البروفيسورة تامي فيجيل أن أحد أكبر التحديات التي واجهتها السيدة ترامب في ولايتها الأولى كان افتقارها للخبرة السياسية، إلى جانب تبدّل موظفيها المتكرر وافتقارهم أحياناً للخبرة والولاء.
رغم ذلك، استمرت السيدة ترامب في عملها بهدوء، حيث ركزت على قضايا مثل رفاهية الأطفال من خلال حملة "كن الأفضل" لمحاربة التنمر الإلكتروني. لكنها اضطرت للدفاع عن الحملة نظراً لاستخدام زوجها العدائي لوسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت لقناة "سي بي إس" في عام 2016 إن أسلوبه في الإنترنت جلب له المشكلات لكنه زاد من شعبيته.
كما دعمت الأطفال المتضررين من أزمة الأفيون، وأطلقت مؤخراً مؤسسة تجمع الأموال التعليمية للأطفال في الرعاية التربوية. ويتوقع الكثيرون أن تستمر في هذا العمل حال عودتها إلى واشنطن، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت ستقيم هناك بشكل دائم.
وترى البروفيسورة فيجيل أن دور السيدة الأولى قد تطور عبر السنين، وتقول إن السيدة ترامب "ستتخذ قرارات حول مدى نشاطها العام".
وتضيف: "أعتقد أنها ستتخذ خطواتها هذه المرة بوعي أكبر".